جبل لبنان شاعر منتدى كــــــــــل العــــــــــــرب
عدد الرسائل : 512 العمر : 59 العمل/الترفيه : مراسل حربى _ صحفى تاريخ التسجيل : 21/12/2008
| موضوع: أمرأه من سلاله الشياطين ... الجزء التاسع الجمعة 23 يوليو 2010, 11:32 am | |
|
امرأة من سلالة الشياطيـن القسم التاسع:
خلافا لليالي السابقة، أفقتُ اليومَ في الفجر، مثل عجوز مواظب على أوقات الصلاة، لازمتُ الفراش متظاهرا بأنني نائم، كي لا تفطن بي النائمة بجانبي وتركبني مجددا فوق أرجوحتها التي نجحتْ ليلة أمس، رغم هلعي وانقباض شأني، في تسويتها؛ سخرتْ من الترغيب والترهيب ما رفع شأني فجأة إلى أن صار مثل صومعه تشق عنان السماء، فصعدتْ فوقها ونادت طيور الملذات إلى أن وصلت إلينا أسرابا أسرابا. أيقنتُ أنَّ فيَّ شيءٌ منفلتٌ مني وأنَّ من النساء من يمتلكن قدرة الإمساك بزمام القيادة ويؤدين المهمة على أكمل وجه...
عبثت الظنون برأسي الصغير وذهبت به في كل مذهب؛ من احتمال أن أكون ضحية مؤامرة ورَّطني فيها أصدقائي ليلة المعرض، مرورا بانتقام سليلة الشياطين للنساء قاطبة مني، وهي المناضلة العتيدة المدافعة عن حقوق النساء ضحايا العنف والمطلقات والمغتصبات، لما قلته ليلة المعرض في شأن بنات حواء، وصولا إلى احتمال صنعها مقلبا لي، بتواطؤ مع زوجها، بسبب الحرب الضروس التي كنتُ خضتها، باسم الأخلاق، عشية ضبط المدير وهو يسجد في ضريح معلمة متزوجة. ومن يدري؟ فقد يكونا أداتين في يد عاشق الصلاة والسَبحة والجلباب..
ليلة المعرض، افتخرت المناضلة بمكاسب النساء، ووعدت بمزيد من النضال إلى أن تنال الإناث ما للذكور تماما في المجتمع، فتدخلتُ بنبرة ساخرة، تعمدتها للفت انتباه المرأة المناضلة، اعتبرتُ فيها الحركات النسوية مجرَّد هراء، ولأجل ذلك سقتُ حججا عديدة: مغامراتي الجنسية نفسها (ولا ليتني ما فعلتُ)، ارتفاع نسبة الطلاق في العالم العربي، مقاطع من رواية اتخذتها شعارا لحياتي منذ طلقت زوجتي الثانية. قلتُ:
- اسمعي يا سيدتي ! أنا أحرص حرصا تاما على ألا تتجاوز رفيقتي الرابعة والعشرين، وأن تكون ذات قامة نحيفة رشيقة مثل نخلة بهيأة عارضة أزياء. لا أخرج عن هذه القاعدة إلا للضرورة القصوى، وإن خرجتُ فيكون لمرة واحدة، ثم أصطنع أعذار التخلص الفوري، وهو ما يكون على الدوام. - ماذا تقول؟ (قهقهة استنكار) - أكثر من ذلك، فأنا ما أعمل في هذا إلا بنصيحة إحدى صويحباتي ذات جمال باهر، تصغرني بـ 20 عاما، حيث تقول لي دائما: - إياك والزواج ! إنه صُداعُ الرأس وسجنٌ رهيب. لقد كثرت البنات إلى أن ملأن اشوارع والحانات، وأراهنُ أن آتيك اللحظة بشاحنة امتلأت عن آخرها بهن إن شئت، يكفي أن أخرج للشارع وآتيك منهن بما شئت !
بُهتَتْ سليلة الشياطين، أمعنتُ في إغاضتها، قلتُ للأصدقاء: - مع أني أعيش وحيدا، فإنني لا أعرف طعم الحرمان أبدا؛ أقل ما أقوم به لتبديد الوحدة تذكر قوائم البنات والنساء اللواتي قطفتُ أزهارهن منذ طلاقي الأخير، أستحضرهن واحدة واحدة، أتساءلُ: لو اصطففن جميعا كم يبلغ طول الصف: كيلومترا أو أكثر؟ لو اجتمعن في مكان واحد، هل تسعهن مقصورتا قطار أو ثلاثة؟ عشر حافلات أم خمسة عشر؟
استشاطت غضبا، أو تظاهرت، اتهمتني بالرجعية وبأن رأسي مليء بالقاذورات، فيما أنكرتُ أن يكون للحركات النسوية في عالمنا العربي معنى، وسقتُ حججا عديدة: ارتفاع نسب الطلاق، استفحال العزوبة، انشار البغاء، مطالبة إحدى الحركات النسوية بسن قانون يبيح تعدد الزوجات، لأخلص إلى نتيحة أن مجموعة من المحبطات والذميمات والبائرات يلبسن قناع النضال والدفاع عن حقوق المرأة لقضاء مآرب شتى لا يغيب فيها الجنس، ويدافعن عما لا ناقة لهن فيه ولا جمل، كمسألة البكارة التي ما يزبد ويرغي في نقدها إلا المتزوجات والأرامل والمطلقات، وذكرتها بالمظاهرة التي نظمتها جماعة منهن ضد صحفي مغربي أمام البرلمان تحت شعار: «نحن جميلات» لا لشيء سوى لأنه قال لهن: «أنتن ذميمات»؛ حملن لافتات لم يكتب فيها أي شيء سوى عبارة «نحن جميلات»، بالعربية والأسبانية والأنجليزية والفرنسية، فتدافعن وهن يصرخن: «نحن جميلات ! نحن جميلات !».. - وبعد؟ أين المشكلة؟
استبعدتُ فكرة انتقامها مني بسبب هذه الآراء، لأنها أدت لي فروض الطاعة والولاء في الليلة الأولى وأعلنت الردة عن حزب النساء، إذ قالت موحوحة، لما راقها شأني العظيم:
- ليذهبن جميعا إلى الجحيم ! ليذهن إلى الجحيم ! لن أدافع عن امرأة بعدج اليوم! لن أدافع عن امرأة بعد اليوم!
ثم تمنت أن يعود عقرب الساعة بها إلى قرنين أو أكثر، فتجد نفسها في حضني بمعنى الكلمة؛ تتفرغ للغسيل والطبخ وترتيب البيت، وأنصرف لشؤون خارج البيت، فلا أغادره إلا بعد أن أغلق الباب عليها بمفتاح، ولا أدخله إلا بعد أن أفتح قفله بيدي...
لم تكن أقوالها لعبا ولا تمثيلا؛ فهي من النوع الكريم المعطاء الذي يذوبُ بلمسة يد، فيستسلم ويُسلم زهرته بسخاء نادر، ولحظة التسليم تنقلب إلى امرأة أخرى ما تنطق حواسها وأعضاؤها ولسانها إلا صدقا؛ تغذق نعيم جسدها علي إلى أن أذوب أنا الآخر فنلتحم في العناق والتقبيل واشتباك الجسدين وقطف الورود... فهمتُ مغزى الشتائم التي أغرقني بها، ليلة المعرض؛ كانت تعبيرا عن الرغبة شبيها تماما بتصرف جماعة من الممرضات في المستشفى ليلة سيقت إلى قسم المستعجلات عروسٌ ألحق زوجها بجهازها عطبا بسبب عظم شأنه وصغر محرابها.
- ويلي ! ويلي ! والله إنه لحمار ! والله إنه لبغل ! لعنات الله عليه ! رددن جميعا، لكنهن تساءلن في الوقت نفسه بانبهار: - كم طول شأنه؟ أين هو؟ لماذا لم يأت معكم كي نراه؟ احضروه ! احضِروه !
وكانت نبرة السؤالين الأخيرين كلها رغبة في التعرف على صاحب الشأن العظيم للتخطيط لمغامرة معه؛ اشتهت كل واحدة من جماعة الممرضات لو كان ذلك الشأن العظيم من نصيبها..
فيما أنا غارق في التفكير، عادت طرقات أمس نفسها بالباب؛ قفزتُ في الفراش فزعا، بدَّدَتْ خوفي بالكلمات ذاتها:
- إنها طرقاته، قم افتح له الباب
ثم انخرطتْ في ارتداء ملابسها المحترمة، تقدمتُ نحو الباب أتعثر في خطواتي البطيئة، وها هي السيارة السوداء الفاخرة نفسها بالسائق نفسه، وها هو الرجل العجوز الأنيق نفسه، ببذلة مغايرة لبذلة أمس، يحمل إكليل زهور جميلة. حياني بنظرته المبهمة وابتسامته الأقرب إلى فغر الفم منها إلى الانشراح والفرح، ودون استئذاني اندفع نحو المنزل، ليجد زوجته قد هيأتْ له. قبلها من الوجنتين، دعتنا معا إلى المطبخ كأنها ربَّة البيت، ثم أمرتنا بالجلوس في مائدة الإفطار، فيما انهمكتْ هي في تحضير وجبة الفطور. -------- يُتبَــع جبل لبنان
الموضوع الأصلي : أمرأه من سلاله الشياطين ... الجزء التاسع المصدر : منتدى كل العرب
|
|