جبل لبنان شاعر منتدى كــــــــــل العــــــــــــرب
عدد الرسائل : 512 العمر : 59 العمل/الترفيه : مراسل حربى _ صحفى تاريخ التسجيل : 21/12/2008
| موضوع: أمرأه من سلاله الشياطين ..... الجزء الخامس الجمعة 23 يوليو 2010, 11:51 am | |
|
امرأة من سلالة الشياطيـــن القسم الخامس
بددت شكوكي بقبلة واحدة عميقة وأدخلتني إلى حديقتها، حيث لعبنا لعبة «دق المسمار»، أبانت فيها عن إلمام وتمكن كبيرين ليس بكتب المشايخ التي وصفتها ليلة أمس بالترهات والأباطيل، بل وكذلك بدروس ملكات العراء، مثل غينا ويلدوغيرها، فجاء طبقها أصلا لذيذا يستحق فصلا مستقلا في كتب القدماء وأشرطة المحدثين وأقراصهم.
غادرت السرير مسرعة إلى خزانة الملابس، ومثل ساحرة أو عرافة اهتدت بسرعة إلى ملابس نساء تقليدية من مخلفات مغامراتي السابقة مع عاملات مصانع الزرابي والنسيج، أو «فرق الطوارئ للإنقاذ»، كما كنتُ أسميهم دائما في حلقاتي الحكواتية عن ملاحمي وفتوحاتي النسوية، لبست جلبابا، أحاطت رأسها بخرقة، وضعت نظارتين شمسيتين، ثم انلطقت نحو الخارج متنكرة في زي امرأة محتجبة كي لا يتمكن أحد من محيطيها العائلي والمهني من التعرف عليها.
- إلى أين؟ - أنهيت جميع الترتيبات، إلا أمرا واحدا؛ سأقطع الحبل السّريّ بالخارج، ثم أتفرغ لك. قالت ذلك بنبرة صادقة، أكدت زعمها ليلة أمس، حيث، مُباشرة بعد سقوط أول الغيث، مدَّتني بأول مكافأة؛ قالت:
- تمنيتُ شيءا واحدا ! - ما هو؟ ! - أن يعود عقرب الساعة بي إلى قرنين أو أكثر، فأجدني في حضنك بمعنى الكلمة؛ أتفرغ للغسيل والطبخ وترتيب البيت، وتنصرف لشؤون خارج البيت، فلا تغادره إلا بعد أن تغلق الباب عليَّ بمفتاح، ولا تدخله إلا بعد أن تفتح قفله بيديك، لا أرى خارجه أبدا. إني، والله، لعلى أتم استعداد للقيام بهذا وصرف ما تبقى من حياتي هنا، إن شئت، على أن تدبر أنت حل مشكلة اختفائي... - وزوجك وأبنائك؟! - ليذهبوا جميعا إلى الجحيم، أفنيتُ زهرة عمري في خدمتهم، ومن حقي الآن أن أتفرغ لنفسي وأعطيها ما تستحق من عناية..
فيما كنتُ غارقا في بحور الشك جراء بُطء عودتها إلى البيت، انتشلني صوت طرق في الباب، وها هي تتوسط ثلاث نساء عجوزات، شارفت كل واحدة منهن الخمسين. نساء تقليديات ارتدين كلهن جلابيب، وأحطن رؤوسهن بخرق تفننَّ، مع ذلك، في اختيار أولوانها ورسومها. قدمتني لهنَّ باعتباري زوجها، ثم صرفتني بنبرة آمرة: - انصرف لقضاء أشغالك، ودعنا نتدبر أشغالنا.
انتبابتني شكوك عميقة في شأن النسوة الثلاثة، وكم كان سيخطر ببالي أنها ساقتهن لتطبيق درس «جماع قطيع البقر»، وهو «عندما يجامع الرجل عدة نساء مجتمعات»، على حد تعبير مالاينجا فاتيايانا، لولا أنهن عجوزات، وأنا عاهدتُ نفسي ألا أقطف زهرة تتجاوز الأربعة والعشرين، من جهة، ولولا أنها، من جهة أخرى، أكدت لي ليلة أمس، وفي غمرة نشوة انخطافها الذهولي، أنها، لدوام العشرة بيننا، ستستهون مني كل شيء سوى واحد: أن تفاجأ ذات قدوم لها إلى منزلي بوجود امرأة أو بنت في المنزل ولو كانت الزيارة لصداقة لا غير. ذهبتُ في تأويل لغز النساء الثلاث مذاهب شتى، وها هو طرق آخر بالباب ينتشلني، لأجدني أمام حمَّال يرسُو بعربة يدوية صغيرة امتلأت عن آخرها بالخضر والفواكه وأكياس بلاستيكية أخرى سأعثر فيها على: خضر، فواكه، لحوم، مسحوقات شتى، أدوات لتنظيف البيت، لوازم الاستحمام، قناني خمور قوية وخفيفة، حناء، كحل، غاسول، أمشاط تقليدية، حلي تقليدية، عطور تقليدية شتى يستحيل العثورعليها في غير دكاكين الأعشاب التقليدية... وكان ذلك كافيا لفك لغز النساء الثلاثة؛ كنَّ خادمات ساقتهنَّ من موقف النساء المُيَاومَات، وما حال بيني وبين تخمين ذلك سوى نسيان شكواها في الصباح:
- واضح أنك لا تمنح لبيتك الاهتمام الذي توليه لحدائق البنات، قضيتُ ليلة بيضاء، لم أغمض عيني لحظة واحدة، اكتحست جسدي جيوش من الكائنات المجهرية، بت أتقلب يمينا وشمالا، وأحك كافة أطراف جسدي، أنت متعود عليها، لذلك لا تفطن لوجودها.. اليوم سأقلب رأس هذا البيت على عقبه.
وكان الشاهد على قولها بقعُ وردية كست أنحاء عدة من جسدها الشديد البياض مثل عجين دقيق ممتاز. فلعا، قلبت النساء المنزل رأسا على عقب، أخرجن الأفرشة واللحف إلى الشمس، وغلسن الأطباق والأغطية الأرز، ونظفن أرضية المنزل والجدران وعطرنها إلى أن فاحت منها تلك الرائحة التي لا أشمها إلى في المستشفيات، وطوال اشتغالهن كانت هي واقفة عليهن مثل الحارس والمراقب الخبير الذي لا يكتفي بإصدار الأوامر على ما تحت مسؤوليته من العمال، بل ويقاسهم الشغل والتعب إلى أن يتصبب وجهه عرقا؛ شمرت هي الأخرى على الساعدين، وارتدت بدلة واقية، وغلست أواني ومسحت موائد وشطفت ملابس وقشرت خضرا وطبخت طبقا لذيذا. وخلال ذلك دعتني غير ما مرَّة لإمدادها بهذه الأداة أو تلك، هذا المسحوق أو ذاك، هذا السائل التنظيفي أو ذاك. وكانت تفتعل حضوري بين النسوة افتعالا، كأنما لتمكينهم من سرقة لذة عابرة تماما كما كانت تمكِّنُ أصدقائي ليلة افتتاح المعرض التشكيلي بالسفارة الأجنبية من سرقة لذة عابرة منها، وكنَّ يسعدن بذلك فعلا، فيتضاحكن إلى أن تلمع أعينهن، بل وإلى أن انهمرت دموعهن أمام لقطة كهذه:
- زوجي العزيز، حبيبي، هات قنينية monsieur propre (السيد النظيف) ! - ماذا قلت؟ ماذا أحضر؟ madame propre أو mademoiselle propre (السيدة النظيفة أم الآنسة النظيفة؟ - ما شئت، المهم احضرها. - اشهدن يا نساء ! ها هي أجازت لي الزواج بامرأة أخرى، سأفعل بإذنها وأنتن الشاهدات .
كشفت عن ساقيها إلى ظهر منبتاهما، ثم أعقبت ذلك بالكشف عن نهديها، وقالت: - إن لقيتَ أجمل مني وأجمل من هذين، فتفضل.
هممتُ بالخروج من المنزل، صرخت في وجهي: - ودبن أمي لأخصينك لو فلعتها.
جرت خلفي، أطبقت على ياقتي، حاولت إسقاطي، دافعتُ عن نفسي، فما فطنتُ إلا وهي ممدة في الأرض تحتي، أزاحتني بقوة، وها هي تعتليني وتغرق وجهي بالقبلات، وتطلق نار لذتها من عقالها، على مرأى ومسمع من النسوة الثلاث وهن يتضاحكن بأعلى أصواتهن، تسارعن لتخليص جسدينا المشتبكين، في أثناء ذلك أحسست بأياد تقتسم معها قطاف اللذة من جسدي، سرقة، أكثر من ذلك امتدت إحدى الأيدي بإلحاح إلى شأني وعبثت به في منتهى السرية... في ما بعد، ستقول لي كان ذلك المشهد اجتهادا منها في تطبيق درس «الخصومة الغرامية»...
على هذا الإيقاع توالت الساعات سريعة وإنجاز الأشغال أسرع، خلال ذلك تبدلت نبرة صوتها وقهقهاتها كثيرا، صار يُخيَّلُ لي أنني أمام ابنة عشرين عاما أو أقل. عندما سأتلقى أول مكاملة هاتفية منها، سيتبدد هذا الخيال لأدرك أنني وقعتُ في شركها إلى الأبد.
لما أشارت عقربا الساعة إلى الرابعة مساء لم يبق ما يقتضي تنظيفا ولا ترتيبا. انصرفت النساء، تركن الثلاجة مملوءة عن آخرها بالأطباق المعدة التي لن تنتظر إلا التسخين لبضع لحظات فتكون جاهزة للأكل.
نادتني من غرفة النوم، وجدتني أمام عَرُوس بمعنى الكلمة، عروس تقليدية صرفت نسوة أوقاتا طوالا في تزيينها وتعطيرها لضعنها طبقا شهيا لذيذا بين يدي عريسها ليلة أول اختلاء لهما ببعضيهما.
-------- يُتبَــع جبل لبنان
الموضوع الأصلي : أمرأه من سلاله الشياطين ..... الجزء الخامس المصدر : منتدى كل العرب
|
|