جبل لبنان شاعر منتدى كــــــــــل العــــــــــــرب
عدد الرسائل : 512 العمر : 59 العمل/الترفيه : مراسل حربى _ صحفى تاريخ التسجيل : 21/12/2008
| موضوع: أمرأه من سلاله الشياطين الجزء الخامس والعشرون الجمعة 23 يوليو 2010, 10:32 am | |
|
امرأة من سلالة الشياطين الفصل الخامس والعشرون
لم أفطن إلا وأنا داخل السوبر ماركي. بمجرد ما رآني صاحبه تخلص من الجماعة المصطفة أمامه للأداء، وثب نحوي، صافحني بطريقة استعظمتها، لم أظهر استغرابي، كأنني كنتُ صديقا حميميا له أو واحدا من أفراد عائلته؛ صافحني من الوجنتين، بوجه مجمر وابتسامة عريضة، داهمني بأسئلة غير متوقعة بتاتا، فما كان مني إلا أن اختلقت جوابا بسرعة البرق: - أهلا، أهلا أستاذنا الكبير، كم وحشناك والله، خيرا، أين كل هذه الغيبة؟ ! (قال) - كنتُ في فرنسا، التحقتُ ببعثة التعليم المغربية هناك ! - جميل ! ذاك ما قالته لنا أختك، والله إنك لحسنا فعلت بنفسك، ستحرق المراحل، ستنبي لك منزلا، ولو أحسنت التصرف فمن يدري؟ قد تعود بما يغنيك عن التعليم، فتستقيل منه، وتنشيء مشروعا تجاريا هنا. ثم إنك تركتَ بيتك في أمان؛ زوجتك لا ترفع عينيها في الرجال، كأنها محتجبة، وأختك نعمَ النساء، تقوم بواجب حماية زوجتك ورعايتها على أحسن ما يرام، كأنها لها زجا، أما الشغالة فتنجر أشغال البيت بأصابع من ذهب !
هالني ما سمعتُ، اختلقت عذرا للتخلص منه بسرعة، اتجهتُ إلى ممرات السوبر ماركي ورفوف السلع متظاهرا بالتبضّع. تفداعت الأفكار في ذهني على نحو غريب؛ التفكير في شيماء دون شك هو ما كان وراء الزعم بأنني أشتغل في بعثة التعليم المغربية بفرنسا؛ هذا بالضبط ما كنتُ قلته للوطي بعد أن طاردني بالمكالمات الهاتفية وعروض القوادة طيلة الأيام الموالية لليلة اليتيمة التي سهرناها معا في المنزل؛ قلتُ له حرفيا في آخر مكالمة هاتفية بيننا: - اسمعي يا شيماء ! آسف جدا؛ فقد دعتني الوزارة للالتحاق على وجه الاستعجال بببعثة التعليم المغربية بفرنسا ! - واو ! رائع ! رائع يا حبيبي ! وستبحث لي عن زوج هناك؟ - ما في ذلك شك ! - ولكني أخبرك منذ الآن بأنني لستُ بالبنت البائرة كي أقبل أول طالب ليَدي! والله لو لم يكن ذا دخل محترم، وإقامة فاخرة، وصاحب ذوق رفيع وشأن عظيم لما قبلته. - أعرف جيدا ذوقك يا شيماء. أعدك بالزوج الذي تنتظرينه، سأحضره معي، بل وربما أرسلته لك في طرد بريدي بالبريد العاجل ! إلى اللقاء ! - بـــاي (ضحك وقبلات متوالية)
لم أفطن لما تسوقتُه إلا لحظة الأداء حيث وجدتُني مجددا وجها لوجه أمام صاحب السوبر ماركي: علب مصبرات سمك ولحم وعروق النخيل وأنناس وجلبان، وقطع جبن وعلبة شوكولاتة وحلويات، وزجاجتي خمر أحمر. نادى صاحب السور ماركي أحد العمال، وشوش في أذنه وها هو الخادم يعود بأربع زجاجات خمر من النوع الرفيع: ويسكي، باستيش، كريم العنب وبونش كاكاو. ضم الزجاجات الجديدة إلى سلعتي، وضع الجميع في كيس بلاستيكي سميك، سلمني البضاعة قائلا: - والله لن تخرجنَّ مليما واحدا من جيبك. أنت الآن ضيف علينا، والدار تقدمُ عادة ءلضيوفها الأحباء مجانا مجموع ما يتسوقون. - أوووووه ! شكرا ! شكرا !
خرجتُ متعثرا في خطوي، تمنيتُ لو تنشق الأرض وتبتلعني. ها هو إذن وجه من الحقيقة التي أخفتها عني العاهرة زوجتي؛ باستضافتها إياي للإقامة في منزلها مكَّنتِ المرأة المكتنزة من اتخاذ منزلي فضاء لمغامرة جنسية أخرى مع رب السوبر ماركي وربما مع رجال آخرين. لاشك أن العاهرة المكتنزة قد راودته أو راودها صبيحة جاء زوجها بإكليل الزهور وأصرت هي على الخروج شخصيا لشراء ما كان ينقصنا من زبدة وشوكولاطة وجبن. أوهمته اللعينة تماما بأنها أختي كما أوهمت مدير مدرستي من قبله! وقدمت له نعيمة باعتبارها زوجتي! والريفية بأنها خادمة بيتي ! ها هو شريط لا يقوى على إخراجه إلا مخرج هندي!
تصدقتُ بما حملته من السوبر ماركي على أول شحاذ. قلب الكيس تقليبا، ولما وضع يده على زجاجات الخمر علا صوته بنبرة شبه هستيرية جعلته مرمى لنظرات جميع المارة: - أعطاك الله الخير والبركة والصحة والعافية والنجاح والنجاة ! كثر الله أمثالكم! لا زال المحسنون على وجه الأرض ! كثر الله أمثالكم ! .....
فعلتها بي بنات الزانيات، أنا الذي نكتُ طوابيرَ الحوريات ممن لا تساوي الأربع مجتمعات (المرأة المكتنزة، زوجتي الطليقة، نعيمة والريفية) أثر أقدامهن يفعلنها بي؟ ! ولكنني أنا الذي فعلتها بنفسي. أنا الذي وقعت في حب عجوز مكتنزة وسخة الفرج والإست، وتركتُ بنات الست عشرة سنة والأربع والعشرين ! صح المثلُ القائل: «عندما يشيخ الأسد تنيكه القردة !». والله إني لأسدٌ ناكته قردة ! أنا لم أحدث إطلاقا العجوزة السمينة بأمر الالتحاق بالبعثة في فرنسا، فكيف عرف صاجب السوبر ماركي هذا الأمر؟ ! لاشك أنها قالت له أشياء أخرى؛ ربما قالت له إني أخوها أبارك ذعارتها في منزلي! ربما قالت له إنني على علم بعلاقتها معه، ومن ثمة قد يكون على علم تام بأنني في منزل زوجتي الطليقة أقيم، وأن زعمي السابق كان طريقة لبقة في إبلاغه قبولي أن ينام في فراش نومي مع أختي المزعومة. ومن يدري؟ فقد يكون ناكهما معا: المكتنزة القدرة وزوجتي الطليقة، وربما الريفية أيضا، والعاهرة لم تخبرني إلا بعد أن لحقت بها في هذه اللعبة القذرة خسارة ما؟؟؟ ! ها أنا صرتٌُ قوادا في آخر حياتي! لأنظرنَّ الأمر بأم عيني لماذا توردت وجنتا صاحب السوبر ماركي عقب السلام؟؟؟ ! لماذا، بعد خروجي من السوبر ماركي، انقسمت شلة معارفي ممن صادفتُ إلى فريقين: فريق يبادلني التحية ببرودة وفريق ما أن أقول له إني التحقت ببعثة التعليم في فرنسا حتى يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»؟؟؟!! لاشك أن الأوائل يعتبرونني صرتُ قواد أخته وزوجته وشغالة بيته والأواخر يعتبرونني رجلا وقع في أحابيل النساء. ولكن لماذا لم يجرؤ أحد من هؤلاء على مصارحتي؟؟؟ !
اشتريت جلبابا وعصا ونظارتين وعمامة، حجزت غرفة في فندق، نزعت بذلتي، لبستُ لباسي الجديد، ثم خرجتُ قاصدا الحي، متظاهرا بأنني شحاذ أعمى، لم أجد أية صعوبة في لعب هذا الدور؛ كنت صاحب تجربة في المجال اكتسبتها من اضطهاد زوجتي الأولى إياي (لعنة الله عليها إلى يوم الدين):
ذات يوم كنتُ في خصومة شديدة معها، وصادف أن كان يوم الثلاثين من الشهر، أخرجت حوالتي كاملة من البنك، توجهت لإحدى الحانات لشرب ثلاث جعات أو أربع لا غير أبدد بها حزن الارتباط بتلك المرأة الشيطانية التي ما أنجحتها في الاختفاء وراء قناع ملاك إلا والدتي.
مضت الأربع كالبرق، فتلتها أربع وأربع وأربع وأربع أوصلنني إلى أرقى العلب الليلية في المدينة، أحاطت بي بنات وبنات، شربنا زجاجات وزجاجات، وكان المبيت مع حورية في فندق أربعة نجوم، لما أفقتُ وجدتُ في جيبي بضع أوراق من فئة 20 درهما لا غير.
عدتُ إلى الييت أغالب ثملي، كان حسن الحظ معي تلك المرة على ميعاد: استغنت عني ست البيت بأبيها الذي جاء في زيارة مفاجئة، لم تسألني عن غيابي ليلة أمس، انشغلت عني بأبيها كليا كما لو كان هو زوجها. ملأتُ حقيبة ببعض ملابس أبيها، زعمت أني ذاهب إلى الحمام، نزلت الشاطئ، لبستُ جلباب أبيها وعمامته، اشتريتُ عصا ونظارتين، انطلقتُ في مسيرة مقدسة من الشاطئ المقابل لإقامة الصباح في اتجاه سلا. ما وصلتُ القنطرة الفاصلة بين العدوتين حتى اجتمع لي مما تصدق به عليَّ المحسنون ربعُ حوالتي. في باب الخميس وجدتُ المعجزة في انتظاري: دعاني أحد الشحاذين للالتحاق بجمع متسولين كان قد اجتمع في بيت أحدهم ربِحَ ملياري سنتيم في اللوطو، وكان الرابحُ وَعدَ الله من قبل أنه إن يفز بالمبلغ المذكور يشتر أربعة عجول ويجزئها كاملة ويضعها في أكياس، وزن كل كيس كيلوغرام واحد، ثم يحمل الأكياس أقساطا أقساطا على الكتف في حقيبة محمولة في الظهر (sac à dos) ويتصدق بها على الفقراء، لكنه ما استلم المبلغ حتى استعظم أن يفي بالوعد، ففضل أن يجمع كل شحاذي مدينة سلا في مأدبة، ويخصص لهم جائزة احتفظ بقيمتها، وكان من حسن حظه أن لم يكن في المدينة ذاك اليوم سوى خمسين شحاذا.
أحضر لنا الثري من اللحوم والفواكه والمشروبات ما كاد يفجر بطوننا، ولما لعبت به الخمرة أمر الخدم برفع الحظر عن المشروبات الروحية فجاءتنا الخمور الرفيعة في عربات تلو عربات، وشربنا حتى مطلع الصبح، ولما حان أوان الانصراف نادانا رب الإقامة الفاخرة واحدا واحدا، وسلمنا جميعا ظرفا بريديا مختوما لكل واحد. للما فتحته وجدت فيه 3000 دولار، وكنا في المنزل حوالي 50 شحاذا لا غير. ألا نعم الأثرياء !
عدتٌ إلى المنزل بعربة ممتلئة عن آخرها باللحوم والخضر والفواكه، وهدايا لزوجتي وأبيها، بل وزجاجات خمور، فاتقيتُ شر السؤال عن سبب غيابي، تظاهرت الزوجة وأبوها بالسؤال، تظاهرتُ بالجواب: قلتُ إن نوبة قلبية داهتمتني في الحمام، فحملوني إلى قسم المستعجلات حيث تلقيت العلاج طيلة الليلة الماضية. تظاهرا بالتصديق والأسف، زعما أن جفنا لم يغمض لهما ليلة أمس وأنهما بحثا عني في جميع أقسام مستعجلات مصحات المدينة ومخافر الشرطة، إلى آخر معزوفتها الغائية المعروفة..
منذ ذلك اليوم تضاعفت أجرتي، فصرتُ ذا راتبين: واحد يأتيني من وزارة التعليم والآخر من مهنة الشحاذة؛ كل يوم أحد أزعم بأنني ذاهب في رحلة مدرسية، فيما أقوم في الواقع برحلة مقدسة من حي الفتح إلى باب الخميس بسلا. وكنتُ أوزع الراتب الثاني الذي يتأتى لي من الشحاذة على قسطين: واحد أسهر به في الحانات والثاني أشتري بيه حليا وملابس لزوجتي التي كانت تعرف جيدا راتبي بالنقطة والفاصلة ووجوه صرفه، ومع ذلك لم تسألني أبدا في أي يوم من الأيام عن مصدر الحلي والملابس. أما الخمرة، فكنتُ أزعم دائما أنني استضفتُ من لدن أصدقاء تكفلوا بأداء كل شيء عني مقابل أن أكون رفيقا لهم في السَّمر. --------- (يُتبَــع) جبل لبنان
الموضوع الأصلي : أمرأه من سلاله الشياطين الجزء الخامس والعشرون المصدر : منتدى كل العرب
|
|