{ألم تَرَ إِلَى رَبك كَيفَ مد الظل} و {ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك} وَأَصله أَن من قَالَ رَأَيْت فلَانا أَو نظرت إِلَى فلَان لم يحْتَمل غير ذَاته وَإِذا قَالَ رَأَيْته يَقُول كَذَا وَيفْعل كَذَا أَنه لَا يُرِيد بِهِ رُؤْيَة ذَاته فَمثله أَمر قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهَذِه الْآيَة ثمَّ الأَصْل أَن من تَأمل الَّذِي ذكر عرف أَنه مشبهي النحله لِأَنَّهُ لم يذكر الْمَعْنى الَّذِي لَهُ يجب أَن تكون الرُّؤْيَة بِتِلْكَ الشَّرَائِط إِنَّمَا أخبر أَنه كَذَلِك وجد وَهُوَ قَول الْمُشبه إِنَّه وجد كل فَاعل فِي الشَّاهِد جسما وَكَذَا كل عَالم فَيجب مثله فِي الْغَائِب ثمَّ ذكر معنى رُؤْيَة الْجِسْم وَلم يذكر معنى رُؤْيَة غير الْجِسْم حَتَّى يكون لَهُ دَلِيلا وَبعد فَإِنَّهُ نفى بالدقة والبعد وهما زائلان عَن الله سُبْحَانَهُ ثمَّ احْتج بامتداح الله بقوله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار وَهُوَ يدْرك الْأَبْصَار} وَقَالَ لَا يجوز أَن يَزُول فَمثله عَلَيْهِ فِي قَوْله {خَالق كل شَيْء} وَقَوله {وَهُوَ على كل شَيْء قدير} فَلَا يجوز أَن يَزُول ثمَّ قد وصف الله بِالرُّؤْيَةِ على إِسْقَاط مَا ذكر فَثَبت أَن ذَلِك طَرِيق لَا يُؤَدِّي على كنه مَا بِهِ الرُّؤْيَة فَإِن قيل كَيفَ يرى قيل بِلَا كَيفَ إِذْ الْكَيْفِيَّة تكون لذى صُورَة بل يرى بِلَا وصف قيام وقعود وإتكاء وَتعلق وإتصال وانفصال ومقابلة ومدابرة وقصير وطويل وَنور وظلمة وَسَاكن ومتحرك ومماس ومباين وخارج وداخل وَلَا معنى يَأْخُذهُ الْوَهم أَو يقدره الْعقل لتعاليه عَن ذَلِك