مشرف المنتدى الاسلامىعدد الرسائل : 1387 العمر : 61 العمل/الترفيه : رئيس قطاع بمصانع أعلاف بشركة خاصة تاريخ التسجيل : 01/09/2011
موضوع: فضل الشــــــــام في الإســـــــلام الثلاثاء 14 أغسطس 2012, 10:51 pm
فضل الشــــــــام في الإســـــــلام ____________
الشام كلمة سريانية تعود إلى سام بن نوح الذي استوطن تلك البلاد بعد الطوفان. هذه الأرض تشمل اليوم سوريا (الأصل سيريا أي بلد السريان) و لبنان و فلسطين و الأردن. حكم الساميون الشام منذ عهد نوح إلى اليوم، و عرف عنهم شدة البأس في القتال و حب السفر و سرعة التعلم. و ظلت لغتهم السريانية -بفضل الآراميون و الفينيقيون- اللغة العالمية (أي كالإنكليزية اليوم) سبعة عشرة قرون من القرن السابع قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي، و لا يعرف أية لغة أخرى دامت كل ذاك العهد. و اخترعو لها أبجدية أصبحت أساس أبجديات العالم كله. و قد عرف عن أهل الشام تمسكهم الشديد بلغتهم السريانية حتى إذا جاء الإسلام رحبو به بشدة و ساعدو العرب ضد الروم، ثم أنهم تحولو جميعاً إلى الإسلام في سنين قليلة و استبدلو لغتهم السريانية بالغة العربية فسادت اللغة العربية على سائر اللغات الأخرى لعدة قرون. و من المشهور في التاريخ ما كان من الاستقبال الحافل الذي استقبل به أهلُ الشام عمرَ و ما كان من أن سموه "الفاروق" و هي كلمة سريانيةٌ تعني "المنقذ". لذلك وجد الإسلام بيئة خصبة في تلك المناطق خاصة بالشام حيث بلغت العصبية الإسلامية تحت حكم بني أمية ذروتها.
و لم يمض 26 سنة على فتح دمشق حتى أصبحت عاصمة للخلافة الإسلامية. و كان أهل الشام أشجع الناس في القتال و من حاز على ولائهم فاز فكانو سبب سيادة بني أمية فذلك سبب قول علي (رضي الله عنه) لشيعته من الفرس و أهل العراق: "من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب" و قوله "و الله! لوددت لو أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم عشرة منكم برجل من أهل الشام!". و لم ينجو بلد من الفتن التي تلت مقتل عثمان إلا الشام فكان ذلك قول رسول الله (صل الله عليه وسلم): " ألا و إٍن الإيمان حين تقع الفتن بالشام". على أنه لمّا مات يزيد و رفض ابنه معاوية الثاني أن يستلم الحكم بايعت البلدان عبد الله بن الزبير (رضي الله عنه) حتى إذا مات معاوية و اتى من بعده مروان بن الحكم (رضي الله عنه) لم يبقى من البلدان أحد لم يبايع ابن الزبير (رضي الله عنه) إلا جزءً من الشام فالتقى جيش الشام مع جيش يفوقه أضعافاً مضاعفة قرب دمشق فانتصر أهل الشام و لم تمض إلا سنين قليلة حتى حكمو سائر الأقطار الإسلامية. ثم قامو بالفتوحات العظيمة و امتدت دولتهم من غرب الصين إلى أواسط فرنسا (أي أكبر دولة شهدها التاريخ حتى ذلك الوقت) دون أن تضعف سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف و ظل الإسلام نقياً من الحركات الراغبة في تحريفه على أنه ما إن انهارت الدولة الأموية و بدأت الدولة العباسية حتى عادت العصبية القبلية والشعوبية و اشتدت و كثرت الحركات الهدامة كالزنادقة و الشعوبية و الرافضية …إلخ، و ضعفت الدولة و أخذت تتفتت حتى في زمن الخلفاء الأقوياء كالرشيد.
و قد خرج من الشام الكثير من الفقهاء و المحدثين الكبار أمثال عمر بن عبد العزيز و الإمام النووي و شيخ الإسلام ابن تيميّة و العلامة ابن كثير و كثيرٌ من أمثالهم. كما قد وعد الله تعالى و وعده الحق بأن طائفة من تلك الأمة باقية على الحق منتصرة في دمشق و القدس حتى مجيء الساعة و يسمون بالأبدال كلما مات منهم أحدٌ أبدله الله بآخر. و أخبرنا الحبيب المصطفى (عليه الصلاة و السلام) أن الخلافة ستعود إلى دمشق و سيحكم المهدي (محمد بن عبد الله) منها و يقود العرب للنصر على الروم في حرب ضروس عظيمة تسمى الملحمة الكبرى لم يشهد التاريخ مثلها أبداً. ثم ينزل المسيح عيسى ابن مريم (عليهما السلام والاكرام) على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيكسر الصليب و يقتل الخنزير والمسيخ الدجال و يدعو للإسلام ويرفض الجزية ولا يرضى الا بالسيف او الاسلام فيؤمن له من في الأرض جميعاً. و لولا فضل الشام في الإسلام لما خصها الله بكل هذا.
و فيما يلي غيضٌ من فيضٍ فيما ورد عن الشام في الآيات و الأحاديث الشريفة: قال أكثر المفسرين في قوله تعالى: {المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} أن البركة تشمل بلاد الشام بأكملها بدليل قول رسول الله (صل الله عليه وسلم): "إن الله تعالى بارك ما بين العريش و الفرات و فلسطين" (رواه ابن عساكر)
و قال كثير من المفسرين في قوله تعالى: {و التين و الزيتون و طور سينين و هذا البلد الأمين}؛ التين بلاد الشام (أي سوريا)، و الزيتون بلاد فلسطين {و طور سينين} الذي كلم الله موسى عليه، {و هذا البلد الأمين} مكة.
أن هذه المنارة هي المنارة البيضاء في الجامع الأموي. و الحديث يؤكد على أن عاصمة المهدي ستكون في دمشق بإذن الله وتحديدا في ارض الغوطة سيكون اجتماع المهدي والمسلمين بعيسى ابن مريم عليهما السلام .
و يؤيد ذلك ما أخرجه أحمد عن أَبَا أُمَامَةَ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا كَانَ أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِكَ قَالَ دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى وَرَأَتْ أُمِّي أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا نُورٌ أَضَاءَتْ مِنْهَا قُصُورُ الشَّامِ.
و أخرج ابن ماجة و الحاكم و صححه و ابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "إِذَا وَقَعَتِ الْمَلاحِمُ خرج بَعْثٌ مِنَ الْمَوَالِي من دِمَشْق هُمْ أَكْرَمُ الْعَرَبِ فَرَسًا وَ أَجْوَدُهُم سِلاحاً يُؤَيِّدُ اللَّهُ بِهِمُ هذا الدِّينَ".
و أخرج السيوطي و الطبراني أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ و سَلَّمَ قَال:
عَقْرُ دارِ الإسلامِ بالشام.
و قد حض رسول الله (صل الله عليه وسلم) أصحابه على الهجرة للشام رغم علمه بكراهيتهم للسكن بها لأن العرب كانت تأنف الزراعة و تحب الرعي، و الشام أرض زراعة و صناعة فكان مما قال:
عليك بالشام؛ هل تدرون ما يقول الله عز وجل ؟ يا شام! يدي عليك، يا شام! أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرتي من عبادي، أنت سيف نقمتي و سوط عذابي، أنت الأنذر و إليك المحشر، و رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤة تحمله الملائكة؛ قلت: ما تحملون؟ قالوا: عمود الإسلام، أمرنا أن نضعه بالشام، و بينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام، فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه [أي بلاد اليمن] و ليسق من غُدُرِهِ، فإن الله قد تكفل لي بالشام و أهله.
إنها ستفتح الشام فعليكم بمدينة يقال لها دمشق، فإنها خير مدائن الشام و هي مقيل المسلمين من الملاحم، و فسطاط المسلمين بأرض فيها يقال لها الغوطة [الغوطة هي البساتين المحيطة بدمشق]، و معقلهم من الدجال بيت المقدس، و معقلهم من يأجوج و مأجوج الطور.