بعد يومين من أحداث منطقة العباسية المؤسفة ، فوجيء الجميع في 25 يوليو بعدة تطورات إيجابية من شأنها أن تعيد أجواء الهدوء وتطمئن المصريين بشأن مضي ثورتهم قدما نحو تحقيق أهدافها .
والبداية في هذا الصدد كانت مع قيام الآلاف من أهالي منطقة العباسية بتنظيم مسيرة توجهت إلي ميدان التحرير وذلك لتقديم الاعتذار للثوار المعتصمين على الاعتداءات التي تعرضوا لها مساء السبت الموافق 23 يوليو علي أيدي مجموعة من البلطجية أثناء مسيرة متجهة إلى المجلس العسكري.
وقال مشاركون في المسيرة:" إنهم ساهموا في ثورة 25 يناير كباقي فئات الشعب المصري الذي خرج لينادي بالتغير ، والحرية، والعدالة الاجتماعية" ، مؤكدين أن أهالي العباسية ليسوا بلطجية بل هم جزء من نسيج الثورة .
وبالتزامن مع المسيرة السابقة ، قررت محكمة الجنايات بالقاهرة برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة التنحى عن نظر القضية المتهم فيها اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار مساعديه بقتل المتظاهرين خلال أحداث ثورة 25 يناير .
وقررت المحكمة إحالة القضية إلى الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات القاهرة لضمها للقضية المتهم فيها الرئيس السابق محمد حسنى مبارك والتى ستنظر يوم 3 أغسطس نظرا لوحدة وارتباط موضوع الاتهام وحتى لا يحدث تضارب فى الأحكام القضائية، وبذلك يحاكم العادلي ومساعديه أمام دائرة المستشار أحمد رفعت .
وعقب القرار هتف الموجودون بالقاعة "الله أكبر" ، حيث كانت المرة الأولى التي يشاهد فيها الشعب المصرى حبيب العادلى على الهواء وهو محبوس مرتديا البدلة الزرقاء، حيث يقضى فترة عقوبة 12 عاما عن تهمة غسيل الأموال و5 سنوات عن قضية اللوحات المعدنية، بينما ظهر عدد من مساعديه المحبوسين بالزى الأبيض وعلى رأسهم اللواء حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة المنحل، واللواء عدلى فايد، مساعد وزير الداخلية لمصلحة الأمن العام السابق، واللواء أحمد رمزى، مساعد الوزير السابق لقطاع الأمن المركزى، واللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة السابق .
وتتوالى الأنباء السارة في 25 يوليو ، حيث طالب الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء خلال اجتماع مع الدكتور حازم الببلاوى نائب رئيس الوزراء للشئون الإقتصادية وزير المالية بضرورة العمل الفوري على ضبط أسعار السلع بالأسواق ومواجهة الارتفاعات الأخيرة في أسعار السلع التموينية بما يخفف الضغط على الأسواق ويسهم فى خفض الأسعار خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك.
وكانت أسعار العديد من السلع الغذائية شهدت ارتفاعاً ملحوظاً قبل أسبوع من بدء شهر رمضان، حيث ارتفعت أسعار اللحوم الحمراء والدواجن والبيض والدقيق والسكر، كما ارتفعت أسعار الياميش بنسبة 100% بالمقارنة بأسعار عام 2010 نتيجة تراجع الكميات المطروحة فى الأسواق، فضلا عن الصعوبات التى صاحبت استيرادها بما ساهم في الحد من الكميات المتاحة في الأسواق.
اجتماع لجنة إدارة الأزمات

ولم يقف الأمر عند التحرك لضبط أسعار السلع ، فقد عقد شرف أيضا في 25 يناير أول اجتماع للجنة الوزارية المشكلة لإدارة الأزمة التي تمر بها مصر حاليا وضمت في عضويتها نائبي رئيس الوزراء ووزراء العدل والداخلية والإعلام والتنمية المحلية والصحية.
وكشف السفير محمد حجازي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء عن تفاصيل الاجتماع ، قائلا إنه انتهى إلى التأكيد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحمل المسئولية في ظروف بالغة الصعوبة وتتحمل معه الحكومة مسئولية إدارة البلاد في تعاون كامل وتؤكد الحكومة التزامها الكامل وعزمها على تنفيذ التكليفات التي وجهها لها رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة عند لقائه بالحكومة في تشكليها الجديد .
وأوضح حجازي بأن الاجتماع انتهى أيضا إلى أنه في ضوء هذه التكليفات تعلن الحكومة أنها لن تتخلى أبدا عن أسر شهداء الثورة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل نهضة المجتمع وتقدمه نحو الديمقراطية.
وأضاف " جاء في الاجتماع أيضا أن الحكومة تؤكد شرعية كافة أشكال الاحتجاج السلمي وتهيب بالمواطنين مراعاة الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب قدرا من الهدوء والعودة للعمل حتى تتمكن الحكومة من تحقيق مطالب الثورة وحتى يستعيد الاقتصاد المصري عافيته".
وتابع حجازي " الاجتماع أشار كذلك النيابة العامة أعلنت الانتهاء من مراجعة كافة قضايا قتل الثوار والتأكد من سلامة التكييف القانوني لها، وقررت الحكومة تشكيل فريق مساندة قانونية من المحامين المتطوعين لتقديم المساعدة القانونية لأسر الشهداء مع تكليفهم بتقديم طلبات لتعجيل نظر القضايا المؤجلة في ضوء قرار مجلس القضاء الأعلى بتفريغ دوائر خاصة لنظر قضايا قتل الثوار لتحقيق العدالة الناجزة".
واستطرد السفير محمد حجازي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء قائلا :"إن الاجتماع انتهى أيضا إلى التأكيد على ضرورة الانتهاء من المراجعة الفنية لكافة تقارير الطب الشرعي في القضايا التي لم تتم إحالتها للمحاكمة في موعد أقصاه 15 أغسطس المقبل".
كما أكد الاجتماع ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد الضباط المتهمين بابتزاز أهالي الشهداء للتنازل عن القضايا ومنعهم من التأثير على أسر الشهداء والتأكيد على مبدأ علانية محاكمة جميع رموز النظام السابق وعلى رأسهم حسني مبارك ومناشدة المحكمة المختصة بإعلان ترتيبات محاكمته ومكان انعقادها وبيان حالته الصحية الحقيقية وضرورة اتخاذ الإجراءات الخاصة بتفعيل قانون الغدر وإبعاد جميع أركان النظام السابق من مواقع المسئولية في جميع أجهزة الدولة في أسرع وقت ممكن.
وشدد الاجتماع كذلك على ضرورة اتخاذ الإجراءات الحاسمة في مواجهة كافة حالات الفساد المالي والإداري بأجهزة الدولة المختلفة كما أكد التزام الحكومة بتحديد حد أقصى للأجور خلال شهر لجميع موظفي الحكومة والقطاع العام المملوك للدولة وسيتبع ذلك إعادة النظر في هيكل الأجور بالدولة ومراجعة مواقف المستشارين بالوزارات وإعادة النظر في الصناديق الخاصة.
وانتهى الاجتماع أيضا إلى تكليف وزير التنمية المحلية بإعداد قانون بتشكيل مجالس محلية مؤقتة وسرعة الانتهاء من حركة المحافظين مع مراعاة شرط القدرة على تحقيق أهداف الثورة عند الاختيار وسرعة إعلان نتائج التحقيقات في تلقي جمعيات أهلية مصرية غير مسجلة أموالا من الخارج بالمخالفة للقانون ودعوة جميع وسائل الإعلام بكل أطيافه وروافده "العام والخاص" بالتزام الموضوعية والبعد عن إثارة الفتن السياسية التي تؤدي لتقسيم صفوف الوطن في وقت نحتاج فيه لتوحيد هذه الصفوف أكثر من أي وقت مضى.
وطالب الاجتماع كذلك الثوار الشرفاء بالحفاظ على النقاء الثوري ومنع المزايدين من الإساءة للثورة لضمان تحقيق أهدافها النبيلة ، مجددا التزام الحكومة بالحوار مع مختلف القوى والتيارات السياسية لتحقيق مطالب الثورة .
ورغم أن البعض قد يعتبر ما سبق مجرد محاولة لتهدئة غضب المعتصمين في ميدان التحرير بعد أحداث العباسية ، إلا أن قراءة تفاصيل الاجتماع بتأن تشير إلى أنه استجاب لأغلب مطالب الثوار ليس بالأقوال وإنما بالأفعال من خلال


LENA