جلد التماسيح هو خامة الموسم بلا منازع، على الأقل لمن يتمتع بإمكانات مادية عالية. فهو عنوان الترف والاناقة والذكاء إذا اخذنا بعين الاعتبار انه إذا كان بنوعية جيدة يمكن ان يرافق صاحبه مدى الحياة.
وما لا يختلف عليه اثنان انه، وبفضل التقنيات المتطورة، اكتسب نعومة اكبر من ذي قبل، فضلا عن ان تصميماته اكتسبت جاذبية من الصعب مقاومتها، سواء كانت حقيبة يد من دار «هيرميس»، التي برعت في صناعة الجلود بحكم بدايتها فيها، أو قطعة ديكور أو حقائب سفر من دار «بوتيغا فينيتا» التي اكدت ان الإيطاليين اكثر من يستطيعون ترويض الجلود ويعرفون التعامل معها، أو تايور من دار «كريستيان ديور» التي قدمت لهذا الموسم مجموعة رائعة تجمع بين فنية مصممها جون غاليانو وإمكانات المجموعة الحاضنة للدار «إلفي. إم. آش».
ولا شك ان إطلاق الثنائي الإيطالي دولتشي اند غابانا في هذا الشهر حقيبة للرجل من جلد التماسيح، عزز مكانة هذه الخامة، ذلك ان المجموعة محدودة لا تتعدى 20 حقيبة عالميا ويقدر سعر الواحدة بـ 50.000 دولار أميركي.
وهذا ليس غريبا فهي حقائب تحمل كل ملامح الترف، بدءا من أنها مصنوعة على يد حرفيين من توسكاني، عاصمة صناعة الجلود الإيطالية، إلى لمسات المصممين الفنية، مما يجعل كل واحدة فريدة في نوعها وتخاطب الرجل الذي لا يتردد في صرف هذا المبلغ على قطعة من الصعب ان يرى رجلا آخر في محيطه يحملها.
ولأن جلد التماسيح من أغلى انواع الجلود وأكثرها ترفا نظرا لندرتها من جهة ولأن كل قطعة اكسسوار تحتاج إلى جلد اكثر من تمساح واحد لصنعها، الأمر الذي يجعل مطابقة النقوشات والتفاصيل الصغيرة امرا صعبا يحتاج إلى دقة ووقت لتأتي الحقيبة بالشكل الذي يبرر سعرها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو أليس هناك تناقض بين هذا التمادي أو الإسهاب في طرح منتجات مترفة تقدر بالآلاف في ظروف ينعي فيها الكل الطفرة الاقتصادية التي شهدتها الاسواق في السنوات الأخيرة؟.
ما يزيد من حيرتنا اننا في كل يوم نتلقى إشارات متناقضة. فالمحلات المترامية في شوارع الموضة، مثلا، تلطم حظها وتشتكي من تراجع مبيعاتها مما جعلها تفتتح موسم التنزيلات قبل اوانه بعدة أشهر، في الوقت الذي أعلنت فيه شركة «أي. إس. أو. إس» التي تعتمد على بيع الأزياء والاكسسوارات المستوحاة من ازياء واكسسوارات النجوم على موقع الانترنت، زيادة أرباحها هذا العام بنسبة 68%.
وعلى نفس الوتيرة، بدأت بيوت الأزياء العالمية تشعر بلسع خفيف بسبب الأزمة المالية العالمية، خصوصا وأن الأسواق الجديدة والآسيوية ليست في منأى عنها، إلا ان هذا لا يوقفها عن طرح منتجات مترفة لا تخاطب الأثرياء العاديين بقدر ما تخاطب أصحاب المليارات، ومن هنا كان جلد التمساح، الذي اكتسح تقريبا عروض الموضة لهذا الموسم وللموسمين المقبلين، سواء تعلق الأمر بالأزياء، كما هو الحال بالنسبة لداري «كريستيان ديور وهيرميس» على سبيل المثال لا الحصر، او الاكسسوارات بانواعها كما هو الحال بالنسبة لدولتشي اند غابانا، روجيه فيفييه، برلوتي، سيرجيو روسي وبروس اولدفيلد وهلم جرا.
وإذا كان هناك أي رد على هذا التناقض الحاصل في سوق الموضة، فهو ان سوق المنتجات المترفة لن يتأثر سريعا، لأن من يمتلك المليارات فلن يؤثر عليه صرف مبلغ 50.000 دولار اميركي مثلا، خصوصا وانها قطع لمدى الحياة، لا تفقد بريقها ولا قيمتها الفنية.
«هانغ لونغ»، وهي شركة متخصصة في دبغ جلود التماسيح، ويوجد مقرها بسنغافورة، أعربت أخيراً عن املها في زيادة ارباحها بـ20% على الاقل هذا العام، بفضل إقبال بيوت الأزياء العالمية على هذه الخامة، مع العلم ان تخصصها يشمل جلود التماسيح عموما والتماسيح الأميركية خصوصا.
وينبع أمل الشركة في أن ماكينة العمل ستستمر في الدوران، انطلاقا من قناعتها بأن سوق المنتجات المترفة لا يتأثر عموما بأحوال اسواق البورصة.
وتجدر الإشارة إلى ان الشركة تربط مستقبلها ببيوت ازياء عالمية مثل "برادا" ومصممة الحقائب الكولومبية الأصل والمقيمة بنيويورك، نانسي غونزاليس وغيرهما، كون العديد من بيوت الازياء الفرنسية تتعامل مع شركة «فرانس كروكو» وغيرها من المدابغ الخاصة، كتلك التي تتعامل معها مجموعة «غوتشي» أو دار «هيرميس».
وحسب الخبراء فإن سعر جلد التمساح الاميركي بالذات، والمعروف بجودته العالية ونعومته، سيعرف ارتفاعا ملحوظا في العام المقبل، بسبب إعصاري «غوستاف» و«آيك» اللذين عصفا بالولايات المتحدة الاميركية في الأشهر الأخيرة وأثرا على عدده وتوفره.
وإذا ظل الطلب عليه متزايدا، أو على ما هو عليه الآن، فإن سعره سيرتفع اكثر بطبيعة الحال.
كيف تختار قطعة من جلد التمساح؟ - لم تعد القطع المصنوعة من هذه الخامة تعتمد على نوعيتها وعلى انها غالية الثمن، في جذب النخبة، بل اصبحت تخضع لمعايير الموضة ايضا، ذلك ان المستهلك حاليا ينجذب نحو التصميم اولا قبل ان يسأل عن الخامة، خصوصا إذا كانت الفكرة انها ستصحبه طوال حياته.
- من ملمسه يمكن التعرف على جودته، فكلما كان ناعما وطريا ومرنا كلما كان ذا نوعية عالية. إذا كان قديما أو من مصدر عجوز، فإنه سيكون خشنا وسميكا.
- ينصح بالتمعن فيه وفحصه جيدا للتأكد من خلوه من الخدوش. صحيح ان التماسيح تتعارك مما يعرضها للجروح والخدوش لكنها تكون قليلة جدا في بعضها بفضل طريقة دباغتها.
- يجب حفظ الحقائب المصنوعة من هذه الجلود في حقائب من الجلد خاصة بها وفي أماكن غير جافة حتى تتمكن من التنفس. نفس الفكرة تنطبق على القطع المصنوعة من الفرو.
- للحفاظ عليها اكثر يجب استعمالها بين الفترة والأخرى لأن جمالها يزيد مع الوقت والاستعمال.
- الألوان الهادئة والتفاصيل الناعمة تزيد من سعره لأن تنفيذها يحتاج إلى دقة عالية.
الفرق بين جلود التماسيح الكثير من القطع حاليا تُستعمل من جلد التمساح الاميركي، بدءا من الأحذية والحقائب إلى الأحزمة واحزمة الساعات والأزياء وغيرها.
وعند تحديد أي الأنواع افضل، أي جلد التمساح أو جلد التمساح الاميركي، لا بد من عناصر محددة يجب اخذها بعين الاعتبار:
- يعتبر جلد التمساح الاميركي أجمل واكثر ترفا من غيره، لأنه يتمتع بخطوط هندسية متوازية وجلد ناعم، وهذا ما يجعله الأغلى.
- رغم ندرتها، فإن عددا قليلا من انواع جلود التماسيح يمكن ان تقارن أو تصل إلى فخامة جلد التمساح الاميركي، من هذه الانواع نذكر «تماسيح النيل» التي تتميز بمسام صغيرة جدا تحت الحراشف تمكنها من التنفس، وتماسيح المياه المالحة باستراليا، التي عندما تدبغ بشكل صحيح تضاهي هي الأخرى، واحيانا تفوق، جمال وجودة النوع الاميركي، كونها تتميز بحراشف مربعة.
والجميل فيها ان هذه الحراشف تتوقف عن النمو في سن معينة، في الوقت الذي لا يتوقف فيه جسم التمساح عن النمو مما ينتج عنه قطعة كبيرة من الجلد مطبوعة بشكل انيق ومتناغم تمكن من صنع حقيبة كبيرة الحجم
-رغم ان التمساح الأميركي هو الاشهر، إلا ان هناك تمساح «الكايمان» الذي يعيش في جنوب ووسط أميركا، ويتميز جلد هذا النوع بأنه جاف وقاس مقارنة بغيره، كما انه ليس قويا ولا يدوم طويلا، إلا إذا تم التعامل معه بتقنيات عالية عند صنعه ودباغته وتأهيله.
لهذا يجب الانتباه جيدا قبل دفع مبالغ كبيرة والتأكد من نوعيته ومصدره
- من الصعب التفريق بين كل النوعيات من النظرة الاولى لأنها متشابهة بشكل كبير من حيث الشكل والقيمة. لكن هذه القيمة يمكن ان تؤثر عليها عملية الدباغة وأي جزء أخذت منه قطعة الجلد.
فالجزء المأخوذ من البطن ومنطقة الحنجرة أنعم من الظهر مثلا، كما يمنح خطوطا هندسية مثلثة جميلة، بينما الجزء المأخوذ من الجوانب تظهر عليه علامات القشور على شكل مستدير، مع العلم أن هذا لا يؤثر على جودته أو حجم الإقبال عليه.
الجزء الرديء للاستعمال هو الذيل لأنه قاس جدا ويأتي بنقوشات غير متناغمة. لهذا وفي كل الأحوال، يجب الانتباه إلى النعومة والنقوشات، بأن تكون متوازية الخطوط وغير متنافرة، فضلا عن التفاصيل النهائية.
ويبقى النوع الأميركي المفضل لدى الدباغين وبيوت الازياء والمستهلك العارف لأنه يستوفي كل هذه الشروط.
- عند فحصها عن قرب، ستجدين ان جلود التماسيح وتماسيح الكايمان بها نقاط صغيرة في قشرتها، وهو الأمر الذي لا يوجد في النوع الاميركي الحقيقي.
- حجم قطعة الجلد يمكن ان تكون مؤشرا عما إذا كانت النوعية جيدة، من النوع الأميركي، أو اقل جودة، من نوع الكايمان أو التماسيح العادية.
فحجم النوع الاول يكون طوله 12 قدما تقريبا بينما يتباين طول نوع الكايمان وغيره من التماسيح ما بين 3 إلى 5 اقدام فقط، مما يتطلب أكثر من تمساح لصنع قطعة واحدة، وهو الامر الذي لا يساعد على ان تكون النقوش والخطوط متشابهة ومتناغمة، إلا في حالات استثنائية ونادرة جدا، ذلك أن هذه الفروق تظهر حتى في القطع الصغيرة مثل محافظ النقود.
- العديد من انواع التماسيح محمية ويعتبر صيدها مخالفا للقانون إذا كانت ستستعمل لأغراض تجارية، لكن هناك بنودا تسمح بها منظمة التجارة العالمية للحيوانات المهددة بالانقراض.
ولحسن الحظ فان التمساح الأميركي لا يدخل ضمن الحيوانات المهددة بالانقراض لهذا فإن المنتجات المصنوعة منه لا تتعارض مع البيئة.
همسة تستغرق عملية دبغ جلد التمساح الخام وتحويله إلى جلد خال من الشوائب وقابل للاستعمال قرابة الشهر.
ويحتاج صنع حقيبة واحدة، مثل حقيبة «بيركين» لهيرميس، إلى جلود حوالي ثلاثة تماسيح، كل واحد منها يقدر ب300 دولار اميركي، فيما قد يصل سعر الحقيبة في الأسواق إلى 45.000 دولار .