قطرى وافتخر مشرف منتدى ارض الرجال
عدد الرسائل : 1009 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 17/04/2010
| موضوع: ابنو النــفــــــوس تـتـحــــررالاقفاص الأحد 06 فبراير 2011, 10:38 pm | |
|
ابنوا النفوس.. تتحرَّر الأقفاص
--------------------------------------------------------------------------------
ابنوا النفوس.. تتحرَّر الأقفاص
قطرى وافتخر – يقظة فكر
دعوني أستلّ بلحة من تمورِ مصرَ لأتَّخِذَ من حلاوتها ما أحاول أنْ أزيلَ به مرارةً من فمي, وأكتب بنواتِها لَحنًا لا أراه يبتعد عن إيقاع الحزن من فمِ مُطرب عراقيّ لا يتفلت من وقع الألم الموروث، وكيف لا واللحن يَعْبُر على خيامٍ أُقيمَت بغزَّة على جانبِ رُكامٍ مُزاحٍ ما زالت رائحة تنبعث من غلاف أحاط به, غلاف من الدم الممزوج بالبارود والفسفور وحرائق لا تبدو أنَّ الإنسانيَّة تراها, وقد تصدَّعت آذاننا من ذكر حقوق الإنسان ليل نهار، لكن من هو الإنسان في عالم اليوم؟!
حين يتربّع شذاذ الآفاق على كرسي المصير، وتصبح الأوطان مهددة بالفتن والتمزيق، وتطرب الناس على نعيق الغراب ونعيب البوم، ويترك البلبل المغرّد سجين القفص المكهرب متجمدًا من الرَّعب أمامه جثة شريكته التي سقطت وهي تحاول أن تهرب إلى الخارج, تظنَّ أنَّ خارج القفص هو الحريَّة, أو هنالك الحرية تكون.
سجونٌ أَضْحَتِ الأوطان, ولا تجد سجينًا يحب سجنه, ولا تجد سجينًا يدافع عنه، هكذا أُرِيدَ لهذه الأرض أن تكون، وهكذا أُرِيدَ لنا أن نكون!
فيا جُموع المعذبين في أرضهم، لابد أن ننتبه ولا نهرب حتى ولو لم يكن السياج مكهرب، فأوطاننا مادامت خرائب فسيسكنها البُوم، وأرضنا ما دامت غابات ملعونة فسيسكنها غُربانٌ بشعة تنذر ساحرة الموت عن قرب الأجل، لابد أن نمتهن الزراعة، لابد أن نقيم العمران، لابد أن نصنع أقلامًا من جذوع الشجر, ونجعل من دماء البُوم والغربان الحائرة أين تهبط حتى النفوق حبرًا نخطّ به كلمات التاريخ.
ليس العمران عمارات أو ناطحات سحاب، بل عمارة النفوس وتزيينها ورسم خرائطها وتنفيذها لتكون بنيانًا تبيد صحارى الحرمان، ولا زراعة لحنطة أو شعير، وإنَّما زراعة بذور الوعي التي تطرد حين إزهارها كل خدع المخادعين ونفاق المنافقين.
يا جموع الشعب المكبَّل بالوهم المعانق للإحباط، لا تقرؤوا لتتعلموا فحسب وإنما لنتفكر، ونتبصر، ونرى ما لا يراه المنكب رأسه إلى الأسفل، دعونا نفهم أنَّنا لن نشيخ إلا إذا شاخت دواخلنا، وأعمارنا محض قياسٍ للزمن.
إنَّ الهزيمة كل الهزيمة حين نكون نحن من يهزم أنفسنا بالإحباط، والاستسلام للعبودية, وتفكيرنا بالعيش وليس بالحياة.. الحياة حين يكون لنا قيمة نسعى من أجلها، حين نبحث عن الابتسامة في شفاه الآخرين، حين نتلمس دموع أعيننا ليس فرحًا أو حزنًا علينا أو ندبًا لحظّنا العاثر، بل حين نتفاعل مع مأساة إخواننا لا دليل عجز وإنَّما غدير يسقي الفكر وينضج النفس للمهمة والارتقاء..
إنَّ قيمة التحرّر أنْ تستقبل الصواب وتستميت لإحقاق الحق، عندها لن يذلّنا سوط جلاد، لن يخيفنا الألم، ولن نضيع حياتنا في انتظار، بل سنبني شيئًا يرتكز عليه الآخرون وقد وضعنا للرقي أُسسًا، لن نقول للمصلحين اذهبوا وقاتلوا ونحن هنا ننظر إليكم وإن متم فسنبكي عليكم ونضع أسماءكم في شوارعنا وعناوين لمدارسنا، أو نكتب فيكم الشعر المتحدّث عن خيبة الأمل وفقدان شمس أشرقت على صحراء قفراء..
إنَّ الشعوب التي تسكت، والتي تحتار في الاختيار، ليست مستعبدة من حكَّامها الطغاة إلا لأنَّها ارتضت عيش الذلَّ والخنوع وهي تخدع نفسها أنَّه صبر! حين لا أميَّز الحقيقة فأنا لستُ موجودًا، وكياني محض كلمة عابرة لا معنى لها، سوى أنَّها لو تفاعلت في عيشها ستجلب مزيدًا من العبيد لفرعون وهو يبني هرمه ليقاتل إله موسى، وما لم نثق بمن يجب أن نثق به ونبقى مترددين فسنورث من الطغاة كما يرث أصحاب المزارع قطعانها كابر عن كابر.
وتلك ليست مأساة بلد بعينه لكنها مأساة أمة ضاعت ولا تريد إدراك أنها ضائعة فتهدي بأهل الرشاد, وهي قضية من يريد الإصلاح ولكن لا يجيد التخطيط، ويعي الوعد ويهدد بالوعيد.
فتعالوا يا قوم لقولٍ فصل أزعم أنّه رشيد، أننا كما بدأنا علينا أن نعيد، لكن ليس في دعوةٍ دعاها الرسول لأمّة حرّة، وإنّما بتبنِّي فصل جديد، بدعوة رسول ولكن بآليات لأمة من عبيد.. عذرًا يا سادتي فلستُ مرتجزًا إنَّما هو الوصف السّديد، تفكّروا يا سادة، تفكّروا يا قادة، تفكّروا يا من أوشكتم أن تكونوا على هامش التاريخ أغنيَة، ربّما غنّتها يومًا ست الطرب، لكنها ستخلد بحشرجة الموت المؤكد لأمة تكاد تفقد الأمل أن تنهض من جديد.
قطرى وافتخر
[center][url][/url]
الموضوع الأصلي : ابنو النــفــــــوس تـتـحــــررالاقفاص المصدر : منتدى كل العرب
|
|