مشرف المنتدى الاسلامىعدد الرسائل : 1387 العمر : 61 العمل/الترفيه : رئيس قطاع بمصانع أعلاف بشركة خاصة تاريخ التسجيل : 01/09/2011
موضوع: تربية الاولاد في الإسلام الجزء الثاني الخميس 03 أكتوبر 2013, 2:33 am
اقتباس :
*** الخــطــبـة الثانية: الحمد لله رب العالمين، واشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين . الله عز وجل أمر المسلمين بإعداد القوة المادية و المعنوية لأعدائهم:
والآن إلى موضوع الساعة: مرّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ببلدةٍ مِن بلاد المسلمين في عهده، فوجد فيها أن الفعالياتِ المعيشيةَ ليست بأيدي أبناءِ هذه البلدة، فوبَّخهم، وعنَّفهم، وقال لهم: كيف بكم وقد أصبحتم عبيداً عندهم ؟ لقد أدرك هذا الخليفةُ الراشدُ ـ ببُعْدِ نظره ـ أنَّ المنتجَ هو القويُّ، وأنّ المستهلكَ هو الضعيفُ، ويمكن أنْ يُضافَ إلى ذلك أنّ التفوُّقَ العلميَّ سبيلٌ إلى امتلاك القوة، وأنَّ صاحبَ الحقِّ لا يستطيع أن يحميَ حقَّه إنْ كان ضعيفاً، وما يجري في العالَم اليومَ خيرُ شاهدٍ على ذلك ؛ لذلك أمرنا ربُّنا أنْ نعدَّ لأعدائنا ما نستطيع من قوة، فقال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ ( سورة الأنفال الآية: 60 ) وقوةٍ في العَدد، وقوةٍ في العُدد، وقوةٍ في التدريب، وقوةٍ في التخطيط، وقوةٍ في الإمداد، وقوةٍ في التموين، وقوة في الاتصالاتٍ، وقوة في المعلوماتٍ، وقوةٍ في تحديد الأهداف، وقوةٍ في دقة الرمي، وقوةٍ في الإعلام .
من رحمة الله بالمسلمين أنه أمرهم بإعداد القوة المتاحة فقط:
إن الله جل في علاه ـ رحمة بنا ـ لم يكلفْنا أن نُعِّدَ القوةَ المكافئةَ لأعدائنا، ولكن كلفنا أن نُعِدَّ القوة المتاحة وهذا من رحمة الله بنا، لأن الله وعد المؤمنين حقاً، والمطبقين لمنهج الله، والمخلصين له، وعدهم بالنصر، قال تعالى: ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) ﴾ ( سورة إبراهيم ) (( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)) [ رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ] قوةُ الضعف تَهُدُّ الجبال وتدكُّ الحصون لأن الله مع المخلص دائماً:
يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : ﴿ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا (24)﴾ ( سورة يونس) يظن بعض أهلها اليوم أنهم قادرون عليها استطلاعاً وتدميراً ، وأن أية بقعة في الأرض تحت استطلاع أقمارهم ، وتحت مرمى طائراتهم ، لكن حين يتوهم أهلها أنهم قادرون عليها : ﴿ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (24)﴾ ( سورة يونس) وقال سبحانه : ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ ( سورة إبراهيم ) وقال سبحانه : ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾ ( سورة آل عمران الآية : 120 ) الآيات التالية تدل على أن الأمر كله لله :
قال سبحانه : ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ(59)﴾ ( سورة الأنعام ) وقال سبحانه : ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ ( سورة الزمر ) وقال سبحانه : ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( سورة الأعراف ) وقال سبحانه : ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)﴾ ( سورة إبراهيم) وقال سبحانه : ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ (5)﴾ (سورة القصص ) كما أن من الواجب علينا أن نبحث في كل مظنَّةِ ضَعْف عن سببَ قوةٍ كامنةٍ فيه ، ولو أخلص المسلمون في طلب ذلك لوجدوه ، ولصار الضعف قوةً ، لأن الضعف قد ينطوي على قوةٍ مستورةٍ يؤيدها اللهُ بحفظِه ورعايته ، فإذا قوةُ الضعف تَهُدُّ الجبال ، وتدكُّ الحصون.
التعاون والتكاتف والتناصر والتضامن أساس في انتصار الأمة الإسلامية: إنَّ الحديثَ عن القوّةِ النابعةِ مِنَ الضّعفِ ليس دعوةً إلى الرضا بالضعفِ ، أو السكوتِ عليه ، بل هو دعوةٌ إلى استشعارِ القوةِ حتى في حالِ الضعفِ ، وربما صحَّت الأجسامُ بالعللِ ، فينتزعُ المسلمون مِن هذا الضّعف قوةً تحيلُ قوّةَ عدوِّهم ضعفاً ، وينصرهم اللهُ نصراً مبيناً وليس هناك مِن مرحلةٍ في تاريخِ أمِّتنا نحنُ في أَمَسِّ الحاجةِ فيها إلى التعاونِ والتكاتفِ والتناصرِ والتضامنِ كهذه المرحلة الدقيقة التي تمرُّ بها أمّتُنا العربيةُ والإسلاميةُ ، ولاسيما في ظلِّ النظامِ العالميِّ الجديدِ ، وفي ظلّ غيابِ التوازن الدوليِّ ، وتحَكُّمِ القُطبِ الواحد ، وازدواجيةِ المعايير ، وسيطرةِ الاحتكاراتِ الكبرى ، والتطوراتِ الهائلةِ في وسائل الاتصالاتِ والمعلوماتيةِ ، وازديادِ الهُوِّةِ بين الدول الغنية المتقدِّمة والدول النامية ، وانفجارِ الحروبِ الإقليميةِ والمحليةِ ، والصراعاتِ القبليةِ والدينيةِ والعِرْقيةِ في مناطق متعددة من العالم ... إضافة إلى نهجِ العَولمة الثقافيةِ والاقتصاديةِ . إنّ عالَمَ اليومِ يكاد يتحوّلُ إلى غابةٍ تتحكّم فيها قواعدُ القوّةِ ، وتغيبُ عنها ضوابطُ المبادئِ والقيم ، ومع ذلك فإن قُوى الهيمنة تتحدّث عن حقوق الإنسان ، في الوقت الذي يجري فيه انتهاكٌ لحقوق الإنسان ، كما قال السيد الرئيس في خطابه الأخير في مجلس الشعب: ويضيف قائلاً : (العالَمُ الإسلاميُ اليومَ يواجه تحدياتٍ كبيرةً تستهدفُ الإسلامَ وما يمثِّلُه من قيمٍ نبيلةٍ ، وما يدعو إليه من أخوة وعدالةٍ ومساواةٍ وحرية ، وإذا كان من واجبنا أن ندافعَ عن ديننِا فإنّ لنا فيه يَنبوعَ قوةٍ ، ومصدرَ إلهام في مواجهةِ كلِّ ما يقابلُنا من أخطارٍ وتحدياتٍ)