فوزية سلامة
فوجئت يوما والحسرة تعتريني بأن موقع مؤسسة البي بي سي علي الانترنت نشر تحقيقا صحافيا موضوعه تدافع بنات العرب علي عيادات جراحية في باريس لأجراء عملية ترقيع غشاء البكارة. ووالله انه لخطب عظيم.
فالبنت التي تمتلك امكانيات السفر والاقامة في باريس لكي تصلح ما افسدته التجارب لابد ان تكون من صاحبات المال. وصاحبات المال في مجتمعاتنا يتعلمن تعليما عاليا ويكتسبن خبرات بحكم العلم والسفر. فماذا اكتسبن من الحكمة؟ هل اكتسبن ما يكفي لتعرف كل منهن ان الدخول في علاقات بلا زواج مع اي شاب مهما كان وسيما وكلامه معسولا ونواياه المدروسة تثب من بين سطور رسائله, هل تعرف انه مثل رجال السياسة الذين يحابون الاقوياء علي حساب الضعفاء: المكسب للقوي والخسارة للضعيف؟
الكل يضحك علي البنات بدءا بالشاب الذي يصطاد في الماء العكر لأنه يدرك بحسه ان كل بنت تشتاق لمرآة تري فيها وجهها الحسن. كل بنت تتخيل انها اذا ربطت علاقة مع شاب بأنها دون غيرها امتلكت قلبه . ولذلك تجد في الاخلاص له وتتمني رضاه. وتطلق العنان لاحلام بالبيت الذي سوف يجمعهما يوما. وتنتنظر بصبر ان يفاتحها في الزواج لأنها تظن ان اشتياقها للحلم يوازي اشتياقه للحم نفسه وان كان ينتظر اللحظة المناسبة لمفاتحة اهله.
اصابعه تتسابق علي لوحة الحروف الكمبيوترية وحين يهاتفها يناجيها بأنها زوجته امام الله ولم يتبق سوي خطوة اخري وتصبح زوجته امام الناس.
في وجدان المرأة القلب له واحد فقط. وفي وجدان بعض الرجال شيطان يوحي بأن الرجل خلق لكي يحب بدل المرة مرات. وبما انه لا يجبر اية فتاة علي ان تحبه فهو لا يرتكب اثما خصوصا وانها تشعر بالسعادة والرضا في علاقته معها.
المهم , بحكم الفترة الزمنية تزول العقبات النفسية تدريجيا وحين يقترح الحبيب لقاء لا تجد المحبوبة غضاضة في ذلك.
وحين تتشابك الايدي وتلتقي العيون لا تدرك الفريسة بأنها اصبحت قاب قوسين او ادني من الفك المفترس.
وحين يقترح الحبيب ان يكون اللقاء بعيدا عن العيون الفضولية تعتقد بأنه يهتم بأمرها ويخاف علي سمعتها. وفي الخلوة تقع الفأس في الرأس فتهبط النجمة التي سطعت زمنا في سماء الحب الي ارض الواقع فلا تساوي اكثر من لمبة غاز. في ذلك اليوم تصبح فكرة الزواج ابعد من نجوم السماء.
بانتهاء ذلك الفصل يبدأ فصل العذاب والالم والندم وانعدام الثقة والخوف من المستقبل. ويبدأ البحث عن حل لترميم البكارة الضائعة.
ويأتي بعد ذلك دور الطبيب الذي اقسم قسم ابوقراط ان يحترم مهنته. فاذا به يفترض انه يؤدي خدمة انسانية , علما بأنها ليست خدمة مجانية.
يقال شر البلية ما يضحك. فنحن نعيش زمن التنين الصيني الذي يصنع كل شيء ويصدر كل شيء من الابرة للصاروخ ومنها ايضا غشاء بكارة لا يزيد سعره علي ٢٠ دولارا.
السيناريو الذي وصفت اعلاه لا يصف حالة عامة. ولكنه موجود . ولا يسعني الا ان اتساءل: في مثل هذا السيناريو من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ الشاب الذي يعتمد سياسة اخطف واهرب يظن لفترة انه ينجو بأفعاله بلا عقاب. والفتاة التي تحلم بالحب داخل الغرف المغلقة ظالمة لنفسها وحتي لو تمكنت من اصلاح ما تلف سوف تحاصرها الذكرى مدي الحياة.
العقاب حتمي لأن لكل فعل رد فعل. وعقاب الرجل الذي يسرق شرف بنت ان يعيش عمره في ظلام الشك. وحين تخطب له امه سليلة مجد وشرف ويدخل بعروسه لابد ان يداخله شك: هل كانت عذرية العروس اصلية ام من ماركة صنع في الصين او اعيد ترميمه في باريس؟
الجزاء من جنس العمل. وصدق المثل القائل: امش عدل يحتار عدوك فيك.
فوزية سلامة