كان لرجل حكبم حمار يحمله في أسفاره. و كان الناس يتهافتون علي الحكيم و يستوقفونه في طريقه لاستشارته في أمور حياتهم.تعود الحمار علي الاستماع لنصائح الحكيم حتي أنه حفظها.
كان الحمار يعلم أغلب حكم صاحبه و لكنه كان يدرك أيضا أنه حمار دوره هو أن ينقل الحكمة من مكان الي اخر عن طريق حمله لصاحبه و مرافقته في السفر، و لكنه لم يستطع صرف أذنه عن علمه و كلامه الطيب.و بعد أن أمضي الحكيم عمره في خدمة الناس توفي و ترك الحمار لأخيه.و اشتاق الناس للمعرفة حتي أنهم تبعوا هذا الأخ و استشاروه في أمور حياتهم.
و لكن علي عكس الحمار الذي أدرك الفارق بينه و بين صاحبه الحكيم ،ظن الأخ أنه لا يمكن لكل هؤلاء الناس أن يخطئوا. فاذا هم ظنوه حكيما مثل أخيه فلابد له و أن يكون كذلك. و أخذ يفتي فيهم و يسقيهم من جهله حتي أن الحمار تمني أن ينطق ليسكته و يدل الناس علي جهله.اكتفي الحمار بالتمني و قال لو أن هؤلاء القوم منصفون لأنزلوه من علي ظهري حتي أركبه أنا.
فاذا كنت حمارا جاهلا فلقد عرفت ذلك عن نفسي و أقريت به. أما هو ففوق جهله، قد جهل أنه جاهل.
أحيانا أتمني أن يمتلك بعض الناس فضيلة الاقرار بالجهل لأنها لا تكون الا للعلماء.
فالعلم ثلاثة أشبار من أدرك الشبر الأول علم أنه جاهل و من أدرك الشبر الثاني ظن أنه عالم أما من أدرك الشبر الثالث فقد تيقن أنه لن يبلغ نهاية العلم ابدا.فلن يتحرك الانسان في سبيل العلم الا بعد أن يقر بجهله و لن يستزيد من العلم الا بعد أن يقر بجهله و من يستمر في طلب العلم يري الحق في كلمات الله
" و ما أوتيتم من العلم الا قليلا "
جلي أمامه فيدرك أن أمام علم الله هو كحبة رمل علي شاطيء بحر. فالسنبلة الفارغة هي التي ترفع رأسها في مهب الريح أما الممتلئة فهي التي تخفض رأسهاتواضعا.