ظاهرة ألموت وبعثرة القبور (2 )
عظمة القادر في جمع الأولين والآخرين
لم يعد للمكذبين مجال لتكذيب هذه الدلائل والبراهين الدامغة فقد أحاطهم الله بسيل من الآيات والبراهين على وجود قدرته التي تتحكم في أمور كل شيء فقد بزغ فجر الحق والحقائق بكل صوره ليؤكد حقيقة الدين وما جاء فيه على لسان كل الرسل وكان آخرها صيحات التحذير ألمعجزة والخارقة للعادة التي قد أطلقها رسول الله صلّ الله عليه وسلم لِيُحَذِّرُنَا وَيُعَلِمُنَا
فأتخذها الجاهلون بسخرية وعدم المبالاه ، وحتى لايكون لهم عذرا يحتالون به على أنفسهم ، فالله يعلم ألسر وأخفى فهو ( ألظاهر ) وهو ( الباطن ) وهو بكل شيء
( عليم )
فقد طوقهم بتلك الحقائق فإن رجعوا وتابوا لله
وصَّدقوا وآمنوا فالله غفور رحيم وإن لم يؤمنوا فلا يحزنك كفرهم ولا أقوالهم فالنار لن تمل من ابتلاعهم بل ستقول (هل من مزيد ) وفى بحثي هذا قد أدمجت بعض ماجاء في القرآن والأحاديث النبوية وعلى لسان الرسل فقد كتبت من قبل على أن الإنسان وهو في عالم الأرواح يبدأ رحلة الوجود في أطوار ومراحل خمس غير أطواره التي تحدث له وهو في الرحم و هي : ألمرحلة ألأولى:
1-نشأة خلق الروح في عالم الأرواح :
وقد خلق الله في هذا العالم الخفي جميع أرواح ذرية آدم من منذ خلق آدم وحتى يوم القيامة ثم أشهدهم على أنفسهم بدليل ألأحاديث ألنبوية والقدسية التي تحدثت في هذا الصدد وثبت إقترانها بشريعة ماجاء من آيات في كتاب الله ( القرآن الكريم ) الكثيرة في كتب الصحاح وهى كثيرة ولكنى قد اخترت من بينهم هذين الحديثين حتى لا أطيل عليكم وأستشهد بهم في بحثي هذا
( فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّ الله عليه وسلم :إن الله تعالى أخذ ألميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان يوم عرفه فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ثم كلمهم قبلا فقال تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُكَ مِنْ بَنِى ءادَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذرِيَّتَهُم
وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنآ أَن تَقُولوا يَومَ اْلقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِين } إلى قوله تعالى {المُبْطِلُون }رواه احمد(1/373 )والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد أما ألحديث الثاني:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلّ الله عليه وسلم قال:يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ماعلى الأرض من شيء، أكنت مفتدياً به ؟ قال فيقول : نعم –فيقول:قد أردت منك أهوَّنُ من ذلك ،قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لاتشرك بى شيئاً ، فأبيت إلا أن تشرك بى) صحيح البخاري ألأنبياء(3156ألرقاق 56189 ) و(صحيح مسلم صفة القيامة والجنة والنار2805 ) ومسند احمد 3/137 ونستدل من هذين الحديثين الصحيحين أن ( ألأرواح ) قد جمعها الله من ظهر آدم ( جملة واحدة )
قبل ظهور كل روح في رحم كل ذرية فهذا يتعدى حقيقة الجمع لأنه لو كان الجمع على تلك الحالة فيعتبر ليس جمعا ويحدد قدرة الله ، وقدرة الله ليس لها حدود وهى قدرة مطلقه فقد خاض كثير من قصار العقول في هذا المضمار ولكن النجباء والأذكياء هم الذين يفكرون فتستطع لهم الحقيقة كضوء الشمس في وضح النهار والذي يؤكد رأيي أكثر هذه الآية الكريمة قوله تعالى {مّاخَلْقُكُمْ وَلابَعْثُكُمْ إلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إنَّ اْلله سَمِيعُ بَصِير} سورة لقمان آية 28 فالله سبحانه يقول للشيء كن فيكون ولكننا مهما إجتهدنا فلن يصل الإنسان إلى إستدراك مافوق طاقة العقل والذي لايقبل التحدي أبداً لأننا ننظر إلى حجم قدراتنا نحن كبشر والله يعلم عنا ذلك التقصير فَوَّضّح لعقولنا وسألنا ( سبحانه وتعالى ) سؤالا فهل نستطيع الإجابة عليه ياترى أم لا فقال تعالى {ءأنْتُمْ أَشَّدُ خَلْقَاً أَمِ اْلسَّمَاءُ بَنَاهَا} آية 27 من سورة النازعات ، وأعزرونى إخواني وأخواتي لأنني أطيل عليكم سياق البراهين والأسانيد الصحيحة من كل الجوانب العلمية والقرآنية والأحاديث الصحيحة والقدسية وهذا لكي أبين صحة ألإدماج لما جاء من كل صوب لأكشف لكم صحة الوجوب بالتصديق لمن يرى شكوكا في نفسه وليطمئن المؤمنون بأنهم على الحق فأنا أكتب فى موضوع عظيم وخطير ويحتاج المزيد والمزيد من الأسانيد العلمية والقرآنية والأحاديث الصحيحة ، ويجب التسليم بصحة ماجاء فيه ونقف هنا على حقيقتين : أن الله سبحانه وتعالى قد جمع العالمين مرتين
1-الجمعة الأولى للأرواح في عالم الأرواح
أن الله قد جمع ألأرواح كلها من أول خليقة إلى آخر خليقة يوم القيام للبعث وأشهدهم على أنفسهم بوجوده وقدرته وربوبيته حتى يعبدوه ويؤدوا الرسالة حين نزولهم على الأرض فشهدوا ثم أطلقهم لينزل كل واحد منهم إلى الدنيا وبحسب أوانه وزمانه وهذا دليل على القدرة المطلقة والتي ليس لها حدود وبقدر ماشاء الله له من ألأجل في البقاء في الدنيا ثم يموت ويظل الله يجمع أرواحهم عنده في ( حال الممات ) حتى يجمعهم جميعا إلى أجل مسمى وساعة آتية لا ريب فيها في ساعة القيام والبعث 2- الجَمْعَةُ الثانية للأرواح
وهى في ألأبدان وهى لاريب فيها كذلك فيكون الحساب للعالمين على ماأوجز كل منهم من عمل ولم يتركنا الله رحمة منه على هذا بل أنزل ملائكته و كتبه ورسله رحمة للعباد فقتلوا بعضهم وكذبوا بعضهم وحاولوا إغتيال بعضهم ومنهم الرسول صلَّ الله عليه وسلم ونسوا أمر الرسالة والأمانة ، وهكذا أصبحت القضية هي عناد وإستكبار وتحكم أهواء وتكذيب وجبروت مصطنع من مخلوق في متناهى الضعف يقتله فيروس لايرى بالعين ألمجرده ، وخالق عظيم وكريم وقادر على أن يخسف بهم الأرض ويهلكهم جميعاً وقدرته بين الكاف والنون أي كلمح بالبصر، ولكن رحمته وسعت كل شيء برغم ذنوبهم فهو بالناس لغفور رحيم ، يستر ويصبر حتى يعودوا إليه ، وهذا أمر يدعوا للخشية وإجلال عظمة القدرة ألإلهية وعظمة رحمة الله على العالمين جميعاً 2-ألمرحلة الثانية
ينتقل الإنسان فى هذه المرحلة بنزول الروح بإذن ربها من دار الأرواح لتسكن فى جسد الجنين في بطن أمة وفى هذه المرحلة يعتبر بالنسبة للإنسان هي حياة قائمة بذاتها ومقدر للإنسان أن يعيش فيها مقدار تسعة الشهر فقط ولعل في هذه المرحلة عظات بليغة قد قمت فى سردها فى سلسلتي (وفى أنفسكم أفلا تبصرون ) ووضحت فيها كل شيء عن بديع صنع الله سبحانه وتعالى فى خلق الإنسان
3-فى هذه المرحلة ينتقل الإنسان لحياة أخرى يستقل فيها بذاته ويمده الله بكل أسباب المعيشة والسيطرة عما حوله للإختبار وقد أشار الله بذلك فى القرآن العظيم فقال تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) وفى هذه الحياة إنما جاء إليها الإنسان إلا ليعبد ويشكر ويؤدى الأمانة التي عرضها على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن من منها وحملها الإنسان وكان بهذا جهلا منه لأنه شديدة وقوية عليه ولن يستطيع أدائها إلا المخلصون وبهذا فقد ظلم نفسه 4-وهى حياة البرزخ ويستقر فيها الإنسان ماشاء الله وهى تقدر بمئات والآف السنين ولربما ملايين السنين حسب تقدير العزيز العليم وهذه المرحلة هى موضوع حديثنا وبحثا وحتى نوقن بقلوبنا أن كل شيء محسوب بدقة فنؤمن بأن الله هو الحسيب المتقن البارع لكل شيء فيكون إيماننا نابع من القلب بالتصديق بأن تلك المراحل التي أذكرها حقائق لاتقبل الشك أو الارتياب وهذه المرحلة أيضا كانت كل علومه فيما سبق من علوم الغيب وكان الإنسان المؤمن يعتمد على كشف غموضها من خلال القرآن والأحاديث النبوية وكان كثيرا من الناس لايعرف الحديث الصحيح من الضعيف من الحديث الموضوع فأختلط اثر ذلك الأصح مع ألخطأ فظهر الشك والريب في كل القضية وأعرض كثير عن الإسلام ونظر الناس للمسلمين كأنهم قوم سذج لايحملون ورائهم إلا الجهل وما يستدعى السخرية وتفجير العقول بالخزعبلات التي لايصدقها عقل أبدا والذي يثبت حقائق ماجاءت به الرسل هو أن الله سبحانه وتعالى ينزل من علم الغيب قطرات وضاءة من علوم تلك المرحلة البرزخية لتطمئن قلوب المؤمنين وينزل سكينته بجزء يسير من علم الغيب وليدحض افتراءات المكذبين الضالين فقال تعالى سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق)5-مرحلة البعث وخروج الإنسان من مرقده وعودة الجسد والروح من الاختفاء بعد غياب الجسد في غياهب التراب والأرضوسوف أتعرض إلى إثبات وجود ظاهرة الروح أولا وحسب ماجاء في كتب التراث وأقوال علماء الدين وعلماء الأبحاث العلمية لنستيقن صحة ماحدثنا به القرآن وأقوال الرسول ورسالات الأنبياء في حلقاتي القادمة من هذا البحث الشيق إن كان لى فى العمر بقية وإن شاء ربى سبحانه وتعالى.......................ساديكو