التقوى سبب و نتيجة لزيادة العلم

كثيرا ما يغفل طلاب العلم عن هذا الطريق المنير الذي فيه و به تتحطم عوائق الفهم و التحصيل و تنال به المنازل العالية في العلوم الشرعية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
"قال ابو سليمان الدراني :إن القلوب إذا اجتمعت على التقوى و جالت في الملكوت و رجعت إلى أصحابها بطرف الفوائد من غير ان يؤدي إليها عالما علما، و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم "الصلاة نور و الصدقة برهان و الصبر ضياء " معه نور و برهان و ضياء ،كيف لا يعرف حقائق الأشياء من فحوى كلام أصحابها ، لا سيما الأحاديث النبوية فإنه يعرف ذلك معرفة تامة لأنه قاصد العمل بها فتتساعد في حقه هذه الأشياء مع الإمتثال و محبة الله و رسوله حتى أن المحب يعرف من فحوى كلام محبوبه مراده منه تلويحا لا تصريحا "
و قال أيضا رحمه الله : و إذا كان القلب معمورا بالتقوى ، انجلت له الأمور و انكشفت بخلاف القلب الخراب المظلم "
و قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"التقوى سبب لقوة الفهم و قوة الفهم يحصل بها زيادة العلم ، فإنك، فإنك ترى الرجلين يحفظان آية من كتاب الله يستطيع أحدهما أن يستخرج منها ثلاثة أحكام و يستطيع الاخر أن يستخرج أكثر من هذا بحسب ما آتاه الله من الفهم . فالتقوى سبب لزيادة الفهم "
وقال رحمه الله أيضا :
" فقوله "يجعل لكم فرقانا " يشمل الفرقان بوسائل العلم و التعلم و الفرقان بوسائل الفراسة و الإلهام أن الله تعالى يلهم الإنسان التقي مالا يلهم غيره ، وربما يظهر لك في مجراك في طلب العلم تمر بك أيام تجد قلبك خاشعا منيبا إلى الله ، مقبلا عليه ، متقيا له فيفتح اللهخ عليك مفاتح معالم كثيرة و يمر بك أيام غفلة ينفك قلبك ، و كل هذا تحقيقا لقول الله تعالى" يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و يكفر عنكم سيئاتكم و يغفر لكم "
و قد بين هذا أيضا الإمام الشافعي في أبياته المشهورة :
شَكَوْتُ إلَى وَكِيعٍ سُوءَ حِفْظِي
فَأرْشَدَنِي إلَى تَرْكِ المعَاصي
وَأخْبَرَنِي بأَنَّ العِلــــــــْمَ نُورٌ
ونورُ اللــــه لا يهدى لعاصي
مما سبق يتبين لنا أثر ترك مجالات التقوى و زيادة الإيمان بحجة الإنكباب على العلم لا سيما علوم الوسائل و التى يتعامل معها كثير من طلبة العلم على أنها من علوم الغايات ، فينبغي على طالب العلم أن تكون تقواه انعكاسا لعلمه ، و بالتالي تكون التقوي سبب لزيادة الفهم و التحصيل و العلم ، فكانت التقوى سبب و نتيجة ،سبب لزيادة العلم ، و نتيجة لزيادة العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه و سلم ، نسأل الله تعالى أن يرزقنا التقوى و من العلم ما يجعلنا من المتقين .